السبت، 29 نوفمبر 2025

بشارات الكتاب المقدس بالنبي محمد ﷺ {الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل}

 

بشارات الكتاب المقدس بالنبي محمد 

{الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل}

.

قلت: هذا برهان مستقل لإثبات نبوة محمد ﷺ، وهو الإشارة إليه في الكتب السابقة، بتفاصيل كثيرة ليست مما شأنه أن يعرفها إنسانٌ بعد زمن فيتكلف جعلَ واقعه مطابقًا لها كي يقول: أنا المصداق. واستدلالنا بما في الكتب السابقة لا يتعارض مع كونها كتبًا محرفة لا يحتج بها كما يظن بعض الأغبياء. ولأقدم لك بمثلٍ لتفهم أنت ما لم يفهمه البلداء: هب أن كتابًا نُسِبَ لشخصٍ زُعِمَ فيه الطب، وقد علمتَ أنه كتاب محرف لا يٌعلَم يقينًا أن طبيبًا كتبه، فكل نصٍ فيه محل شكٍ أصالة، وبعض نصوصه تجزم أنها ليست من طبيب. لكن وجدت فيه بعض النصوص التي تصدق على علم الطب، وأنها لا تكون إلا من عالمٍ بالطب، فهذه النصوص تستطيع الجزم بأنها من طبيب، وتخرجك من الشك السابق بأن في الكتاب كلامًا لطبيب. فكذلك الأمر هنا، إذ بين أيدينا كتب لا نعلم الصادق فيها والكاذب، بل نعلم كذب بعض نصوصها جزمًا، مع اعتقادنا أن النص الأصلي كان من إله. ثم وجدنا نصوصًا تتنبأ بالمستقبل وتشير لتفاصيلَ وأمورٍ لا يمكن أن يعرفها بشر، فنجزم حينئذ أن هذه النصوص مما لم يُحرَّف إجمالًا. وهذا منهجٌ عامٌ لا شأن له بالإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام، إذ لو جاء في الكتاب المقدس التنبؤ بأن رجلًا يسمى ماهر أمير سيكتب هذا المنشور ليراه في التو واللحظة رجالٌ يقطنون دولًا مختلفة، وأنه سيكون صادقًا فيما كتبه، لجزمنا بأن هذه النبوءة لم تحرف، ويبقى الشك في غيرها، لأنها نبوءة لا يمكن أن تكون من بشري، فلا بد وأنها من آثار النبوة. وتكون النبوءة دليلًا على أمرين في آن، على أن أنها والنص الأصلي وحيٌ إلهي، وعلى أني صادق. فكذلك البشارات والنبوءات براهين نبوةِ نبيين اثنين، عيسى ﷺ ومحمد ﷺ. وأقرب ما يبدر إلى ذهني مثلًا لهذا: الحديث الضعيف إن كان نبوءة -لا يمكن إحالتها للحدس والتخمين- ثم تحققت بعد ذلك، فإنها في الأصل مرجوحة الثبوت، ولكن بتحققها علمنا أنها من مصدرٍ إلهي، ولا يعني هذا تصحيح كل حديث ضعيف تبعًا أو لزوم الوثوق بكل حديثٍ في الكتاب الذي ورد فيه الحديث الضعيف الصادق. فكذلك هنا، لا يلزمنا تصحيح غير هذه النصوص من الكتاب المقدس، ولا حتى بعض تفاصيل هذه النصوص، وإنما جامعها المشترك الذي يطابق النبي ﷺ وحاله.

واعلم أني جمعت النصوص الآتية وشرحها من مصادر مختلفة دون استيعاب، فهناك نصوص وإشارات أخرى، وأني صنعت ذلك دون مراجعة وتتبع بل ثقةً مبدئية بمن ذكرها من المسلمين، فهي عرضة للخطأ وعدم الدقة بطبيعة الحال، فلتُراجَع جميعا إذن. وما منعني من التنقيح إلا الكسل -بل كسلت حتى عن المراجعة الإملائية- لعلمي بأني سأهمل ذلك، مع رغبتي في إفادة القراء.

واعلم أيضًا أن النص الواحد قد يكون عرضةً للتأويل، وقد يكون له سياق يحرّف معناه، أو ربما يخطّئ فهمنا إياه، ولكن إن تيسر دفعٌ النص والنصين، فدفع الكل محال.

وتنبه إلى أن ما هنا ملزمٌ لكل الناس، من يؤمن بهذه الكتب ومن لا يؤمن بها، متدينًا بغيرها أو كافرًا بالتدين، ملحدًا كان أو لادينيًا، من أي ملةٍ وزقاق، إذ فيها خارقٌ بحاجة لتفسير طبيعي:

أن يعلم انسانٌ المستقبل التفصيلي، البعيد عن الحدس والتخمين، بعباراتٍ لها مصداقٌ واحد، وأريد علمَ عيسى ﷺ وإنباءه، ثم أن يُصَدَّق إنسانٌ قبل مولده بقرون، ويكون تحقيقًا بغير سعيٍ منه لهذه النبوءات، وهو محمد ﷺ-.

ثم اعلم أخيرًا أن هذا (بعض) دلائل نبوته، ويقال فيها ما قيل في البشارات والنبوءات، أن دفع الدليل الواحد بالاحتمالات والظنة متيسر للمكابر، ولكن مجموع الأدلة سيلٌ هادر.

.

.

.

.

القسم الأول: نبوءات نسب إبراهيم

.

1. نسل إبراهيم والأرض الموعودة (سفر التكوين 15)

.

النص الكتابي (التكوين 15: 5، 18):

"ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا». وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ»... فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلاً: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ»".

قلت: امتدت الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين، محققة الوعد الإلهي لإبراهيم.

.

2. إسماعيل أمة كبيرة (سفر التكوين 17)

.

النص الكتابي (التكوين 17: 20):

"وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ، وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً."

قلت: الأمة الإسلامية البادئة من نسل إسماعيل واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ، امتدت من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.

.

3. النبي من إخوة بني إسرائيل (سفر التثنية 18)

.

النص الكتابي (التثنية 18: 18-19):

"أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ."

قلت: يصف الله لموسى ﷺ نبياً مستقبلياً يأتي 1- من إخوة بني إسرائيل، 2- مثل موسى 3- يتكلم بسم الله. هذه الصياغة تعني أن النبي لا يأتي من نسل بني إسرائيل أنفسهم، بل من أقاربهم، مثل نسل الإسماعيليين. هذا النبي المستقبلي سيجعل الله كلامه في فمه. عند المقارنة بين محمد ﷺ والمسيح ﷺ، نجد نبينا أشبههم بموسى ﷺ . ولا سورة سوى التوبة إلا وتبدأ بالبسملة.

.

.

.

.

القسم الثاني: نبوءات مكة والقوة والشريعة

.

4. المجيء من سيناء وسعير وجبل فاران (سفر التثنية 33)

.

النص الكتابي (التثنية 33: 2):

"فَقَالَ: جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ الْقُدُسِ، وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ."

قلت: سيناء: مكان تكليم الله لموسى ﷺ ونزول التوراة.

سعير: تُعرّف بأنها أدوم، المنطقة التي بشّر فيها عيسى ﷺ. وسعير هي سلسلة جبال في فلسطين.

جبل فاران: البرية التي سكن فيها إسماعيل في سنواته اللاحقة، وفي سفر التكوين (21: 21) أن إسماعيل "سكن في برية فاران"، وهي منطقة مكة المكرمة.

عشرة آلاف قديس: الشخص القادم من فاران مع عشرة آلاف قديس وشريعة نارية فتحَ مكة، وتم ذلك بمشاركة عشرة آلاف صحابي.

والإشارة لهذه الأمكنة الثلاث ورد في القرآن، في قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}.

.

5. الحج إلى وادي بكة (مزمور 84)

.

النص الكتابي (مزمور 84: 5-7):

"طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ (בָּכָא) يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ."

قلت: يتحدث هذا المزمور عن حج إلى وادي بكة. وبكة (בָּכָא في العبرية) مرتبطة ببكاء إسماعيل، ومعلومٌ كونها تهجئة بديلة لمكة، وقد سماها القرآن بمسمع من العرب كذلك: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}.

أما قوله "يصيرونه ينبوعاً": فإشارة إلى بئر زمزم التي تفجرت لإسماعيل ﷺ وأمه هاجر في مكة، وأصبحت مصدر ماء مبارك للحجاج.

وأما كونهم "يذهبون من قوة إلى قوة": فوصف دقيق لشعائر الحج، حيث يتنقل الحجاج من مكان إلى آخر (منى، عرفات، مزدلفة).

.

6. دمار بابل وذكر تيمان/فاران (حبقوق 2 و 3)

.

النص الكتابي (حبقوق 3: 3-7):

"اَللهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ، وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضُ امْتَلأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ... رَأَتْكَ فَارْتَاعَتِ الْجِبَالُ... مَسَاكِنُ كُوشَانَ تَحْتَ بَلِيَّةٍ. رَجَفَتْ شُقَقُ أَرْضِ مِدْيَانَ."

النص الكتابي (حبقوق 2: 13-14):

"أَلَيْسَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْجُنُودِ أَنَّ الشُّعُوبَ يَتْعَبُونَ لِلنَّارِ، وَالأُمَمَ لِلْبَاطِلِ يَعْيَوْنَ؟ لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَجْدِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ."

قلت: يقدم حبقوق صلاةً كالتي في التثنية 33، وهذه النبوءة توافق إشعياء 21 في ذكر دمار بابل. أما تيمان: فمرتبطة بسعير/أدوم (منطقة عيسى ﷺ).

وأما جبل فاران: فمكة المكرمة.

وأما قوله "جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه": فيشير لانتشار الإسلام والتوحيد في الأرض.

وأما "مساكن كوشان... أرض مديان": فمناطق في الجزيرة العربية، مما يؤكد إشارة النبوءة لنبي من العرب.

وأما دمار بابل: فكان عندما فتح المسلمون الإمبراطورية الساسانية الفارسية (التي كانت تحكم بابل) في معركة القادسية، إضافة لفتح المدائن.

.

.

.

.

القسم الثالث: نبوءات الوصف والتسمية

.

7. الوصف الجسدي الدقيق (نشيد الأنشاد 5)

.

النص الكتابي (نشيد الأنشاد 5: 10-16):

"حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ (عشرة آلاف). رَأْسُهُ ذَهَبٌ إِبْرِيزٌ. قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ. عَيْنَاهُ كَالْحَمَامِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ... حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ، وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ (מַחֲמַדִּים - محمديم). هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ."

قلت: ها هنا وصف جسدي وتسمية، والتفصيل كالآتي:

- معلم بين ربوة (عشرة آلاف): يتطابق مع وصف التثنية 33 عن القادم مع عشرة آلاف قديس.

- أبيض وأحمر: كان النبي ﷺ أبيض مشرباً بحمرة، أزهر اللون.

- قصصه مسترسلة حالكة كالغراب: كان شعر النبي ﷺ أسودا، لا جعداً ولا سبطاً.

- حلقه حلاوة: إشارة للوحي الشفهي. وكان النبي ﷺ فصيحا أوتي جوامع الكلم.

- "מַחֲמַדִּים (محمديم) كله مشتهيات": في العبرية الأصلية، الكلمة هي محمديم، وهي مطابقة لاسم محمد ﷺ. أما "يم" اللاحقة فتُستخدم للتعظيم، ويكون المعنى "كله محمود" أو "محمد العظيم".

- دقيقة رمزية (صورة الحراس): ففي بداية هذا الإصحاح (نشيد الأنشاد 5: 7) تصف المرأة (التي تمثل الأنبياء) وهي تسأل حراس أورشليم إن كانوا قد رأوا حبيبها، فيضربونها ويهينونها. وقد يُفسر هذا بأن اليهود (الحراس) يرون العلامات (الأنبياء وراكب الحمار - عيسى) لكن يهاجمونهم وينكرون العلامة الأخيرة، الحبيب راكب الجمل: محمد ﷺ.

.

8. شارة السيادة (إشعياء 9 وإشعياء 22)

.

النص الكتابي (إشعياء 9: 6):

"لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ."

النص الكتابي (إشعياء 22: 22):

"وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ، فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ."

قلت: يشير إشعياء 9 إلى أن طفلاً خاصاً سيولد مع شارة السيادة على كتفيه، وفيه إشارة لخاتم النبوة على كتفيه. ومفتاح داود: يرمز إلى السلطة النهائية والختم، فبه يفتح ويغلق باب النبوة.

.

9. شهوة الأمم (حجي 2)

.

النص الكتابي (حجي 2: 7):

"وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ."

قلت: أما "شهوة كل الأمم ستأتي" أو "مشتهى كل الأمم". فالكلمة العبرية المستخدمة لذلك هي، חֶמְדַּת (hem-dut أو حمدات)، وهي تحمل معنى مشابهاً لكونه محبوباً أو ممدوحاً، مع ارتباطه بالجذر العبري ح-م-د، وهو نفس الجذر لاسم محمد وأحمد. وقد تحقق إتيانه في رحلة الإسراء والمعراج، عندما أُسري به ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث صلى بالأنبياء إماماً، فامتلأ البيت (الهيكل) مجداً، وامتلأ بعد فتحه كذلك، على عهد عمر رضي الله عنه.

.

10. المعزي/البارقليط (يوحنا 14 إلى 16)

.

النص الكتابي (يوحنا 14: 16، 26):

"وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ... وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ."

النص الكتابي (يوحنا 16: 7، 12-14):

"لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي... إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي."

قلت: يصف عيسى ﷺ معزياً (paracletus في اليونانية) سيأتي لاحقًا، ولن يتكلم من تلقاء نفسه، بل بما يسمع، وأنه سيتنبأ بالمستقبل، شاهدًا لعيسى ﷺ ومصححًا لما أفسده الناس من تعاليمه.
والكلمة اليونانية παράκλητος (paracletus) نفسها مهمة، ويمكن تفسيرها بالممدوح، وهو محمد/أحمد بالعربية. ثم لا يخفى مصداق الجزء الثاني من النبوءة، وأن القرآن يعظّم المسيح ﷺ، ويدفع عن شرفه وشرف أمه مريم، وينفي عنه الصلب والألوهية.

وإضافةً للبارقليط، فهناك أيضاً ثلاثة أماكن أخرى في النبوءات التي سبق ذكرها تشير إلى نفس الفكرة:

أ- في نشيد الأنشاد 5، يُوصف بأنه מַחֲמַדִּים (machmedim - محمديم)، "كله مشتهيات"، وفيه اسم محمد وجذر الحمد.

ب- وفي إشعياء 42، يُسمى عبد الله אִתְמָךְ (Itmak - مختاري). وقيل بأنه ربما كان سابقًا اسماً صحيحاً، أحمد، قبل التعديلات اللاحقة على النص.

ج- وفي حجي 2، نجد أن شهوة كل الأمم ستأتي، باستخدام الكلمة العبرية:

 חֶמְדַּת (hem-dut - حمدات)، التي تحمل المعنى نفسه، أي كونه محبوباً ممدوحاً محمودا، وجذر الحمد هنا حاضرٌ أيضًا. وكل هذا كافٍ مستقلًا، وبالاجتماع يشير إلى رسول اسمه أحمد، محمد، المحمود.

.

11. الكتاب للنبي الأمي (إشعياء 29)

.

النص الكتابي (إشعياء 29: 11-12):

"وَصَارَتْ لَكُمْ رُؤْيَا الْكُلِّ مِثْلَ كَلاَمِ السِّفْرِ الْمَخْتُومِ الَّذِي يَدْفَعُونَهُ لِعَارِفِ الْكِتَابَةِ قَائِلِينَ: اقْرَأْ هذَا. فَيَقُولُ: لاَ أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ. أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ هذَا. فَيَقُولُ: لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ."

قلت: فإذا أُعطي الكتاب لشخص لا يستطيع الكتابة، ون ثمَّ لا يعرف القراءة، وطُلب منه أن يقرأه، سيجيب: "لا أعرف"، وذا يطابق قصة الوحي الأول، حين طلب جبريل من النبي ﷺ أن يقرأ، فأجاب: ما أنا بقارئ. وقد كان النبي أمياً لا يقرأ ولا يكتب بشهادة قرآن يُتلى على مسامع الكفار ليكذبوه بيسر وينقضوا الدعوة إن استطاعوا، ثم جاء بكتاب يتحدى به الفصحاء والبلغاء، بنصٍ معجزٍ ولو كان من غير أمي، فكيف وهو كذلك.

.

12. راكب الحمار وراكب الجمل (إشعياء 21)

.

النص الكتابي (إشعياء 21: 6-9):

"لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: اذْهَبْ أَقِمْ حَارِسًا، لِيُخْبِرْ بِمَا يَرَى... فَرَأَى رُكَّابًا أَزْوَاجَ فُرْسَانٍ، رُكَّابَ حَمِيرٍ، رُكَّابَ جِمَال... فَأَجَابَ وَقَالَ: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ، وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِ آلِهَتِهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَهَا إِلَى الأَرْضِ»."

قلت: تلقى إشعياء الرؤيا بأن بابل ستُدمر عندما تجد إسرائيل أربع علامات: فارسان، راكب حمار واحد، وراكب جمل واحد، وهذا في كل المخطوطات سوى الماسوري الذي يجعلهم ركابًا كثرا.

أما راكب الحمار (وله ارتباط بـ زكريا 9: 9) فيُعرّف بأنه المسيح (عيسى ﷺ). وفي متى: "قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ" (متى 21: 5).

وأما راكب الجمل فليس إلا محمد ﷺ، الذي ركب ناقته القصواء للمعارك، لا سيما لفتح مكة، واستولى على الساسانيين، وأزال عبادة الأصنام.

وهاهنا دقيقة سبق الإشارة إليها، وهي احتمال أن يكون الكتبة قد أفسدوا هذا النص. فكل المخطوطات خلا النص الماسوري (الذي جاء بعد مئات السنين) يجعل راكب الحمار واحدًا وراكب الجمل واحداً، فتغير فيه النص لئلا يناسب المسيح ﷺ ومحمد ﷺ.

.

.

.

.

القسم الرابع: نبوءات انتشار الدين

.

13. جميع الأمم تسجد (مزمور 22 وإشعياء 45)

.

النص الكتابي (مزمور 22: 27-29):

"تَذْكُرُ وَتَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ كُلُّ أَقَاصِي الأَرْضِ. وَتَسْجُدُ قُدَّامَكَ كُلُّ قَبَائِلِ الأُمَمِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ الْمُلْكَ، وَهُوَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الأُمَمِ. أَكَلَ وَسَجَدَ كُلُّ سَمِينِي الأَرْضِ."

النص الكتابي (إشعياء 45: 23):

"بِذَاتِي حَلَفْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ، كَلِمَةٌ لَنْ تَرْجعَ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ."

قلت: تصف المزامير كيف أن جميع الأمم، بما في ذلك الأمم غير اليهودية، ستسجد لله وحده. وقد بلغت رسالة النبي ﷺ الأمم غير اليهودية تحقيقًا للنبوءة.

.

14. الصلاة الإبراهيمية والذكر العالمي أبد الدهر (مزمور 45 ومزمور 72)

.

النص الكتابي (مزمور 45: 2-7):

"أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ. تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ، جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ... كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ."

النص الكتابي (مزمور 72: 8-17):

"وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ... وَيُصَلَّى لأَجْلِهِ دَائِمًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارَكُ... يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ."

قلت: الموصوف يُقال إنه أجمل الرجال، مع شفاه ممسوحة بالنعمة. وهو في مزمور 72 قاضٍ عادل سينقذ المحتاجين ويحكم من البحر إلى البحر، حتى أن الأمم وقبائل الصحراء ستنحني أمامه، والناس سيصلون من أجله ويمدحونه كل يوم، كل يوم. وتلمح هذه النصوص إلى التكوين 12، حيث قيل إن اسم إبراهيم سيكون مباركاً (أو مقولًا في البركات).

ونعلم الصلوات الخمس اليومية للمسلمين، وأن فيها تُرسل البركات على محمد وآل محمد، وإبراهيم وآل إبراهيم. دع وصفه بأنه "يُصلى لأجله دائماً"، واليوم لا تخلو الأرض من صلاة عليه في كل تشهد، يُذكر فيهما اسم النبي وإبراهيم، ويُصلى عليهما ويبرّك.

أما وصفه بأنه "يكون اسمه إلى الدهر": فلا يخفى أن اسم النبي هو الاسم الأكثر شيوعاً في العالم، ويُذكر مليارات المرات يومياً في الصلوات والأذان.

.

.

.

.

القسم الخامس: نبوءات القدس والهيكل

.

15. الحج إلى جبل صهيون/القدس (إشعياء 2 وصفنيا 3)

.
النص الكتابي (إشعياء 2: 2-3):

"وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ... وَتَسِيرُ إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ، وَتَذْهَبُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ. لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ."

النص الكتابي (صفنيا 3: 10):

"مِنْ عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشَ مُتَضَرِّعِيَّ بَنَاتِ مُبَدَّدِيَّ يُقَدِّمُونَ تَقْدِمَتِي."

قلت: إشعياء 2 يصف كيف إتيان جميع الأمم إلى جبل صهيون للحج ولتعلم شريعة جديدة. وفي نص صفنيا 3 توسيع هذا، بالإشارة إلى أن شعب الله سيأتون إلى القدس من ما وراء مصر لتقديم القرابين. ولم يصبح هذا ممكناً إلا عندما حرر المسلمون الأوائل القدس واليهود من الاضطهاد الروماني، فقد فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس وسمح لليهود بالعودة إلى المدينة المقدسة بعد أن منعهم الرومان قرونا. كما جعل النبي المسجد الأقصى أحد المساجد الثلاثة التي تُشد إليها الرحال، فأصبح مقصداً للمسلمين من جميع أنحاء العالم إلى جانب مكة والمدينة.

.

16. المنفى الثاني وعودة الهيكل (مزمور 74، حجي 2، إشعياء 24)

.
النص الكتابي (مزمور 74: 9):

"آيَاتِنَا لاَ نَرَى. لاَ نَبِيَّ بَعْدُ، وَلاَ بَيْنَنَا مَنْ يَعْرِفُ حَتَّى مَتَى."

النص الكتابي (حجي 2: 6-9):

"لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هِيَ مَرَّةٌ بَعْدَ قَلِيل، فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَابِسَةَ. وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ. فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا... مَجْدُ هذَا الْبَيْتِ الأَخِيرُ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنَ الأَوَّلِ."

النص الكتابي (إشعياء 24: 14-16):

"هُمْ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ. لأَجْلِ عَظَمَةِ الرَّبِّ يَصْوِتُونَ مِنَ الْبَحْرِ... مِنْ أَطْرَافِ الأَرْضِ سَمِعْنَا تَرْنِيمًا: «مَجْدًا لِلْبَارِّ»."

قلت: مزمور 74 يصف المنفى حيث يُدمر الهيكل ولا توجد علامات، ولا أنبياء باقون. ويشير هذا إلى المنفى الثاني (المنفى الروماني الذي بدأ عام 70م)، لا المنفى البابلي. وقد رُفِعَ هذا النفي الثاني عندما فتح المسلمون الأوائل القدس وحرروا اليهود من الاضطهاد الروماني.

أما حجي 2 فيشير إلى أن الهيكل سيعود إلى مجده عندما يزلزل الله الأمم.

وأما إشعياء 24 فيشير إلى أنه خلال هذا المنفى الروماني، سيسبح الناس من الغرب والشرق الله، قائلين "مجداً للبار".

.

17. الرسول يأتي فجأة إلى الهيكل (ملاخي 3)

.
النص الكتابي (ملاخي 3: 1):

"هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ."

النص الكتابي (إشعياء 40: 3):

"صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: «أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلهِنَا»."

قلت: هذا النص، المكتوب بعد المنفى البابلي، يصف كيف أن رسولاً سيهيئ طريق الرب ويأتي فجأة إلى هيكله. كما يقتبس إشعياء 40، ويذكر رسول العهد من إشعياء 42.

وبما أن هذا المكتوب بعد المنفى الأول، فيجب أن يقصد عودة اليهود من المنفى الروماني، وأن النبي ﷺ هو الذي سيحرر اليهود من الاضطهاد الروماني، وأنه هو رسول العهد من إشعياء 42.

وقوله "يأتي بغتة إلى هيكله": قد كان في رحلة الإسراء والمعراج، حيث أُخذ النبي إلى أرض الهيكل في القدس. وهناك أمَّ أنبياء الله في الصلاة.

.

.

.

.

القسم السادس: نبوءات أسلوب الصلاة واللغة

.

18. الشفاه المطهرة والصلاة الموحدة (صفنيا 3)

.

النص الكتابي (صفنيا 3: 9):

"لأَنِّي حِينَئِذٍ أُحَوِّلُ الشُّعُوبَ إِلَى شَفَةٍ نَقِيَّةٍ، لِيَدْعُوا كُلُّهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، لِيَعْبُدُوهُ بِكَتِفٍ وَاحِدَةٍ."

قلت: يذكر هذا الإصحاح أن الله سيطهر شفاه الناس، وأنهم سيصلون كتفاً إلى كتف، ولا أصدق لهذا من صلاة الجماعة الإسلامية، حيث يصلي الناس كتفاً إلى كتف ويتلون القرآن بألسنتهم.

أما قوله “شفة نقية”: فإشارة إلى اللغة العربية التي أصبحت لغة العبادة الموحدة بانتشار الإسلام. فجميع مسلمي العالم يصلون بالعربية ويقرؤون القرآن بالعربية، أيًا تكن لغتهم الأم، ويصنعون هذا “ليعبدوه بكتف واحدة”، وهو وصف دقيق لصفوف المسلمين في الصلاة كما قلنا.

.

19. اللسان الأجنبي الساخر (إشعياء 28)

.
النص الكتابي (إشعياء 28: 10-11):

"لأَنَّهُ أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. هُنَا قَلِيلٌ هُنَاكَ قَلِيلٌ. إِنَّهُ بِشَفَةٍ لَكْنَاءَ وَبِلِسَانٍ آخَرَ يُكَلِّمُ هذَا الشَّعْبَ."

قلت: في النص العبري، يرد الله على الساخرين من إشعياء بقوله إنه سيكلم الناس بلسان أجنبي ساخر، قائلاً: "صو لصو، صو لصو... قو لقو، قو لقو"

(في العبرية: tsav latsav, tsav latsav... kav lakav, kav lakav).

ولم يتلق اليهود الناطقون بالعبرية وحياً بلغة أجنبية إلا مع نزول القرآن العربي. دع الإشارة إلى فواتح بعض السور، والتي تبدأ بـ حروف مقطعة (ألف لام ميم راء، صاد، كاف، طه، يس)، تحديًا -قد يوصف بأنه سخرية- من المخالفين بأن القرآن من هذه الحروف اليسيرة المقدورة، ويعجزون عن مثله، وهي نفس الأصوات المذكورة أعلاه: صاد وكاف بالعبرية.

.

.

.

.

القسم السابع: نبوءات العبد والعدالة والتغيير

.

20. العبد من الشمال/الشمس المشرقة (إشعياء 41)

.
النص الكتابي (إشعياء 41: 2، 25):

"مَنْ أَنْهَضَ مِنَ الْمَشْرِقِ الَّذِي يُلاَقِيهِ النَّصْرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ؟... أَنْهَضْتُ وَاحِدًا مِنَ الشِّمَالِ فَأَتَى. مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي (יִקְרָא בִשְׁמִי). يَأْتِي عَلَى الْوُلاَةِ كَمَا عَلَى الْمِلاَطِ، وَكَخَزَّافٍ يَدُوسُ الطِّينَ."

قلت: سيُنهض الله العبد من الشمال (غالباً ما يُربط هذا بالأمم غير اليهودية). من مشرق الشمس، مردداً صدى ما في التثنية 33، إذ سيدعو باسم الله. وفي العبرية:

 יִקְרָא בִשְׁמִי (Yikra bishmi - يقرا بشمي)

مطابقةً لأول وحي النبي ﷺ في الغار، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وللبسملة التي تُفتتح بها قراءة سور القرآن خلا التوبة. فأول كلمة نزلت في القرآن كانت “اقْرَأْ”، وأول آية كاملة في المصحف هي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ}. وسيدوس عبد الله هذا حكام الأرض كخزاف يدوس الطين، مشيراً إلى التغيير الكبير الذي سيجلبه. ولا أصدق لهذا من انتصار المسلمين على الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية.

.

21. العبد الذي يجلب العدالة والحرية من القيود (إشعياء 42)

.

النص الكتابي (إشعياء 42: 1-7، 10-13):

"هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ... أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ... لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ... لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ."

قلت: سيجلب عبد الله هذا العدالةَ للأمم. حال كونه لا يصيح ولا يرفع صوته في السوق، فهو على {خلقٍ عظيم}. وسيصبح نوراً للأمم غير اليهودية... يفتح عيون العمي، ويحرر الأسرى من ظالميهم.
وقد وصف النبي بهذا في عصره، دع أن القرآن يشير إلى أن هذا النبي الأمي سيضع عن اليهود الأغلال التي كانت عليهم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ... وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}.

ثم يذكر الإصحاح أيضاً أن شعب قيدار (ابن إسماعيل - التكوين 25: 13) وأولئك الذين في جبل سالع (وكلاهما مرتبط بالجزيرة العربية) سيفرحون. أما قيدار: فقبيلة قريش تنحدر من نسل قيدار، والنبي ﷺ من قريش. وأما سالع: فجبل في المدينة المنورة، حيث هاجر النبي وأقام دولة الإسلام.
وقد أشار بعضهم إلى أن اسم عبدالله، אִתְמָךְ (Itmak - مختاري) في إشعياء 42 قد يكون سابقًا الاسم الصحيح: أحمد، قبل التعديلات اللاحقة على النص.

.

.

.

.

القسم الثامن: نبوءات مملكة الإسلام

.

22. المملكة الخامسة والأخيرة (دانيال 2 و 7)

.
النص الكتابي (دانيال 2: 31-35، 44-45):

"أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ، وَإِذَا بِتِمْثَال عَظِيمٍ... رَأْسُ هذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ... كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ... فَانْسَحَقَتْ... وَالْحَجَرُ... صَارَ جَبَلاً كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا... وَفِي أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا."

قلت: هاهنا رؤيا تصف أربع ممالك عظيمة ومملكة خامسة أخيرة. يجعلها دانيال 2 تمثالًا لبابل، وفارس، واليونان، وروما، وهذه الممالك يمثلها الرأس والصدر والبطن والساقين من التمثال. أما المملكة الرابعة، روما، فيُقال أيضاً إن لها قدمان، بعضهما من حديد والبعض من خزف، إشارة إلى أنها ستنقسم. وقد انقسمت المملكة الرومانية إلى الإمبراطوريتين الشرقية والغربية، ثم تأتي المملكة الخامسة والأخيرة التي ستدمر التمثال، وتنهي الإمبراطوريات الأخرى.

ولا مصداق لهذا سوى الخلافة الإسلامية، إذ جاءت بعد انقسام روما وكانت سبب هزيمة الرومان. كما هزمت البابليين بفتح الإمبراطورية الساسانية الفارسية.

وقوله "حجر بغير يدين": يرمز إلى أن المملكة الخامسة لم تُؤسس بقوة بشرية بحتة، بل بتأييد إلهي.

أما قوله "صار جبلاً كبيراً وملأ الأرض": فيشير لامتداد هذه المملكة، ونعلم الخلافة التي امتدت من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.

وأما قوله "مملكة لن تنقرض أبداً": فمصداقه أن الإسلام ودوله باقية إلى يوم القيامة، وآخرها ما يكون بإمامة المهدي وعيسى ﷺ، وهذا ما يميز ملك الإسلام عن الإمبراطوريات السابقة.

.

23. المملكة تُؤخذ من اليهود وتُعطى للأمم (متى 21 و 22)

.

النص الكتابي (متى 21: 43):

"لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ."

النص الكتابي (متى 22: 7-8):

"فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ."

قلت: يقدم عيسى ﷺ نصين مختلفين يثيران نفس المعنى، وفيهما يُعد الله السماء لليهود، لكنهم يضربون ويقتلون الأنبياء، فينتقم الله منهم بتدمير هيكلهم وبمنفى ثانٍ، ثم يأخذ الله السماء من اليهود ويعطيها للأمم غير اليهودية.

ولاحظ هنا التسلسل الزمني: أولاً، سيُدمر الهيكل مرة أخرى. ثم ستُسلم الرسالة إلى الأمم غير اليهودية، وتذكّر أن عيسى وتلاميذه جاءوا جميعاً قبل دمار الهيكل الثاني، لذا يجب أن يشير الكلام إلى وقت متأخرٍ عنهم، وإلى نبي قادم، وقد حقق ﷺ هذه النبوءة.

.

.

.

هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين.

]

.

قلت: هذا برهان مستقل لإثبات نبوة محمد ﷺ، وهو الإشارة إليه في الكتب السابقة، بتفاصيل كثيرة ليست مما شأنه أن يعرفها إنسانٌ بعد زمن فيتكلف جعلَ واقعه مطابقًا لها كي يقول: أنا المصداق. واستدلالنا بما في الكتب السابقة لا يتعارض مع كونها كتبًا محرفة لا يحتج بها كما يظن بعض الأغبياء. ولأقدم لك بمثلٍ لتفهم أنت ما لم يفهمه البلداء: هب أن كتابًا نُسِبَ لشخصٍ زُعِمَ فيه الطب، وقد علمتَ أنه كتاب محرف لا يٌعلَم يقينًا أن طبيبًا كتبه، فكل نصٍ فيه محل شكٍ أصالة، وبعض نصوصه تجزم أنها ليست من طبيب. لكن وجدت فيه بعض النصوص التي تصدق على علم الطب، وأنها لا تكون إلا من عالمٍ بالطب، فهذه النصوص تستطيع الجزم بأنها من طبيب، وتخرجك من الشك السابق بأن في الكتاب كلامًا لطبيب. فكذلك الأمر هنا، إذ بين أيدينا كتب لا نعلم الصادق فيها والكاذب، بل نعلم كذب بعض نصوصها جزمًا، مع اعتقادنا أن النص الأصلي كان من إله. ثم وجدنا نصوصًا تتنبأ بالمستقبل وتشير لتفاصيلَ وأمورٍ لا يمكن أن يعرفها بشر، فنجزم حينئذ أن هذه النصوص مما لم يُحرَّف إجمالًا. وهذا منهجٌ عامٌ لا شأن له بالإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام، إذ لو جاء في الكتاب المقدس التنبؤ بأن رجلًا يسمى ماهر أمير سيكتب هذا المنشور ليراه في التو واللحظة رجالٌ يقطنون دولًا مختلفة، وأنه سيكون صادقًا فيما كتبه، لجزمنا بأن هذه النبوءة لم تحرف، ويبقى الشك في غيرها، لأنها نبوءة لا يمكن أن تكون من بشري، فلا بد وأنها من آثار النبوة. وتكون النبوءة دليلًا على أمرين في آن، على أن أنها والنص الأصلي وحيٌ إلهي، وعلى أني صادق. فكذلك البشارات والنبوءات براهين نبوةِ نبيين اثنين، عيسى ﷺ ومحمد ﷺ. وأقرب ما يبدر إلى ذهني مثلًا لهذا: الحديث الضعيف إن كان نبوءة -لا يمكن إحالتها للحدس والتخمين- ثم تحققت بعد ذلك، فإنها في الأصل مرجوحة الثبوت، ولكن بتحققها علمنا أنها من مصدرٍ إلهي، ولا يعني هذا تصحيح كل حديث ضعيف تبعًا أو لزوم الوثوق بكل حديثٍ في الكتاب الذي ورد فيه الحديث الضعيف الصادق. فكذلك هنا، لا يلزمنا تصحيح غير هذه النصوص من الكتاب المقدس، ولا حتى بعض تفاصيل هذه النصوص، وإنما جامعها المشترك الذي يطابق النبي ﷺ وحاله.

واعلم أني جمعت النصوص الآتية وشرحها من مصادر مختلفة دون استيعاب، فهناك نصوص وإشارات أخرى، وأني صنعت ذلك دون مراجعة وتتبع بل ثقةً مبدئية بمن ذكرها من المسلمين، فهي عرضة للخطأ وعدم الدقة بطبيعة الحال، فلتُراجَع جميعا إذن. وما منعني من التنقيح إلا الكسل -بل كسلت حتى عن المراجعة الإملائية- لعلمي بأني سأهمل ذلك، مع رغبتي في إفادة القراء.

واعلم أيضًا أن النص الواحد قد يكون عرضةً للتأويل، وقد يكون له سياق يحرّف معناه، أو ربما يخطّئ فهمنا إياه، ولكن إن تيسر دفعٌ النص والنصين، فدفع الكل محال.

وتنبه إلى أن ما هنا ملزمٌ لكل الناس، من يؤمن بهذه الكتب ومن لا يؤمن بها، متدينًا بغيرها أو كافرًا بالتدين، ملحدًا كان أو لادينيًا، من أي ملةٍ وزقاق، إذ فيها خارقٌ بحاجة لتفسير طبيعي:

أن يعلم انسانٌ المستقبل التفصيلي، البعيد عن الحدس والتخمين، بعباراتٍ لها مصداقٌ واحد، وأريد علمَ عيسى ﷺ وإنباءه، ثم أن يُصَدَّق إنسانٌ قبل مولده بقرون، ويكون تحقيقًا بغير سعيٍ منه لهذه النبوءات، وهو محمد ﷺ-.

ثم اعلم أخيرًا أن هذا (بعض) دلائل نبوته، ويقال فيها ما قيل في البشارات والنبوءات، أن دفع الدليل الواحد بالاحتمالات والظنة متيسر للمكابر، ولكن مجموع الأدلة سيلٌ هادر.

.

.

.

.

القسم الأول: نبوءات نسب إبراهيم

.

1. نسل إبراهيم والأرض الموعودة (سفر التكوين 15)

.

النص الكتابي (التكوين 15: 5، 18):

"ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا». وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ»... فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلاً: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ»".

قلت: امتدت الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين، محققة الوعد الإلهي لإبراهيم.

.

2. إسماعيل أمة كبيرة (سفر التكوين 17)

.

النص الكتابي (التكوين 17: 20):

"وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ، وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً."

قلت: الأمة الإسلامية البادئة من نسل إسماعيل واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ، امتدت من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.

.

3. النبي من إخوة بني إسرائيل (سفر التثنية 18)

.

النص الكتابي (التثنية 18: 18-19):

"أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ."

قلت: يصف الله لموسى ﷺ نبياً مستقبلياً يأتي 1- من إخوة بني إسرائيل، 2- مثل موسى 3- يتكلم بسم الله. هذه الصياغة تعني أن النبي لا يأتي من نسل بني إسرائيل أنفسهم، بل من أقاربهم، مثل نسل الإسماعيليين. هذا النبي المستقبلي سيجعل الله كلامه في فمه. عند المقارنة بين محمد ﷺ والمسيح ﷺ، نجد نبينا أشبههم بموسى ﷺ . ولا سورة سوى التوبة إلا وتبدأ بالبسملة.

.

.

.

.

القسم الثاني: نبوءات مكة والقوة والشريعة

.

4. المجيء من سيناء وسعير وجبل فاران (سفر التثنية 33)

.

النص الكتابي (التثنية 33: 2):

"فَقَالَ: جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ الْقُدُسِ، وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ."

قلت: سيناء: مكان تكليم الله لموسى ﷺ ونزول التوراة.

سعير: تُعرّف بأنها أدوم، المنطقة التي بشّر فيها عيسى ﷺ. وسعير هي سلسلة جبال في فلسطين.

جبل فاران: البرية التي سكن فيها إسماعيل في سنواته اللاحقة، وفي سفر التكوين (21: 21) أن إسماعيل "سكن في برية فاران"، وهي منطقة مكة المكرمة.

عشرة آلاف قديس: الشخص القادم من فاران مع عشرة آلاف قديس وشريعة نارية فتحَ مكة، وتم ذلك بمشاركة عشرة آلاف صحابي.

والإشارة لهذه الأمكنة الثلاث ورد في القرآن، في قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}.

.

5. الحج إلى وادي بكة (مزمور 84)

.

النص الكتابي (مزمور 84: 5-7):

"طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ (בָּכָא) يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ."

قلت: يتحدث هذا المزمور عن حج إلى وادي بكة. وبكة (בָּכָא في العبرية) مرتبطة ببكاء إسماعيل، ومعلومٌ كونها تهجئة بديلة لمكة، وقد سماها القرآن بمسمع من العرب كذلك: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}.

أما قوله "يصيرونه ينبوعاً": فإشارة إلى بئر زمزم التي تفجرت لإسماعيل ﷺ وأمه هاجر في مكة، وأصبحت مصدر ماء مبارك للحجاج.

وأما كونهم "يذهبون من قوة إلى قوة": فوصف دقيق لشعائر الحج، حيث يتنقل الحجاج من مكان إلى آخر (منى، عرفات، مزدلفة).

.

6. دمار بابل وذكر تيمان/فاران (حبقوق 2 و 3)

.

النص الكتابي (حبقوق 3: 3-7):

"اَللهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ، وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضُ امْتَلأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ... رَأَتْكَ فَارْتَاعَتِ الْجِبَالُ... مَسَاكِنُ كُوشَانَ تَحْتَ بَلِيَّةٍ. رَجَفَتْ شُقَقُ أَرْضِ مِدْيَانَ."

النص الكتابي (حبقوق 2: 13-14):

"أَلَيْسَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْجُنُودِ أَنَّ الشُّعُوبَ يَتْعَبُونَ لِلنَّارِ، وَالأُمَمَ لِلْبَاطِلِ يَعْيَوْنَ؟ لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَجْدِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ."

قلت: يقدم حبقوق صلاةً كالتي في التثنية 33، وهذه النبوءة توافق إشعياء 21 في ذكر دمار بابل. أما تيمان: فمرتبطة بسعير/أدوم (منطقة عيسى ﷺ).

وأما جبل فاران: فمكة المكرمة.

وأما قوله "جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه": فيشير لانتشار الإسلام والتوحيد في الأرض.

وأما "مساكن كوشان... أرض مديان": فمناطق في الجزيرة العربية، مما يؤكد إشارة النبوءة لنبي من العرب.

وأما دمار بابل: فكان عندما فتح المسلمون الإمبراطورية الساسانية الفارسية (التي كانت تحكم بابل) في معركة القادسية، إضافة لفتح المدائن.

.

.

.

.

القسم الثالث: نبوءات الوصف والتسمية

.

7. الوصف الجسدي الدقيق (نشيد الأنشاد 5)

.

النص الكتابي (نشيد الأنشاد 5: 10-16):

"حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ (عشرة آلاف). رَأْسُهُ ذَهَبٌ إِبْرِيزٌ. قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ. عَيْنَاهُ كَالْحَمَامِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ... حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ، وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ (מַחֲמַדִּים - محمديم). هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ."

قلت: ها هنا وصف جسدي وتسمية، والتفصيل كالآتي:

- معلم بين ربوة (عشرة آلاف): يتطابق مع وصف التثنية 33 عن القادم مع عشرة آلاف قديس.

- أبيض وأحمر: كان النبي ﷺ أبيض مشرباً بحمرة، أزهر اللون.

- قصصه مسترسلة حالكة كالغراب: كان شعر النبي ﷺ أسودا، لا جعداً ولا سبطاً.

- حلقه حلاوة: إشارة للوحي الشفهي. وكان النبي ﷺ فصيحا أوتي جوامع الكلم.

- "מַחֲמַדִּים (محمديم) كله مشتهيات": في العبرية الأصلية، الكلمة هي محمديم، وهي مطابقة لاسم محمد ﷺ. أما "يم" اللاحقة فتُستخدم للتعظيم، ويكون المعنى "كله محمود" أو "محمد العظيم".

- دقيقة رمزية (صورة الحراس): ففي بداية هذا الإصحاح (نشيد الأنشاد 5: 7) تصف المرأة (التي تمثل الأنبياء) وهي تسأل حراس أورشليم إن كانوا قد رأوا حبيبها، فيضربونها ويهينونها. وقد يُفسر هذا بأن اليهود (الحراس) يرون العلامات (الأنبياء وراكب الحمار - عيسى) لكن يهاجمونهم وينكرون العلامة الأخيرة، الحبيب راكب الجمل: محمد ﷺ.

.

8. شارة السيادة (إشعياء 9 وإشعياء 22)

.

النص الكتابي (إشعياء 9: 6):

"لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ."

النص الكتابي (إشعياء 22: 22):

"وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ، فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ."

قلت: يشير إشعياء 9 إلى أن طفلاً خاصاً سيولد مع شارة السيادة على كتفيه، وفيه إشارة لخاتم النبوة على كتفيه. ومفتاح داود: يرمز إلى السلطة النهائية والختم، فبه يفتح ويغلق باب النبوة.

.

9. شهوة الأمم (حجي 2)

.

النص الكتابي (حجي 2: 7):

"وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ."

قلت: أما "شهوة كل الأمم ستأتي" أو "مشتهى كل الأمم". فالكلمة العبرية المستخدمة لذلك هي، חֶמְדַּת (hem-dut أو حمدات)، وهي تحمل معنى مشابهاً لكونه محبوباً أو ممدوحاً، مع ارتباطه بالجذر العبري ح-م-د، وهو نفس الجذر لاسم محمد وأحمد. وقد تحقق إتيانه في رحلة الإسراء والمعراج، عندما أُسري به ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث صلى بالأنبياء إماماً، فامتلأ البيت (الهيكل) مجداً، وامتلأ بعد فتحه كذلك، على عهد عمر رضي الله عنه.

.

10. المعزي/البارقليط (يوحنا 14 إلى 16)

.

النص الكتابي (يوحنا 14: 16، 26):

"وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ... وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ."

النص الكتابي (يوحنا 16: 7، 12-14):

"لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي... إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي."

قلت: يصف عيسى ﷺ معزياً (paracletus في اليونانية) سيأتي لاحقًا، ولن يتكلم من تلقاء نفسه، بل بما يسمع، وأنه سيتنبأ بالمستقبل، شاهدًا لعيسى ﷺ ومصححًا لما أفسده الناس من تعاليمه.
والكلمة اليونانية  παράκλητος (paracletus) نفسها مهمة، ويمكن تفسيرها بالممدوح، وهو محمد/أحمد بالعربية. ثم لا يخفى مصداق الجزء الثاني من النبوءة، وأن القرآن يعظّم المسيح ﷺ، ويدفع عن شرفه وشرف أمه مريم، وينفي عنه الصلب والألوهية.

وإضافةً للبارقليط، فهناك أيضاً ثلاثة أماكن أخرى في النبوءات التي سبق ذكرها تشير إلى نفس الفكرة:

أ- في نشيد الأنشاد 5، يُوصف بأنه מַחֲמַדִּים (machmedim - محمديم)، "كله مشتهيات"، وفيه اسم محمد وجذر الحمد.

ب- وفي إشعياء 42، يُسمى عبد الله אִתְמָךְ (Itmak - مختاري). وقيل بأنه ربما كان سابقًا اسماً صحيحاً، أحمد، قبل التعديلات اللاحقة على النص.

ج- وفي حجي 2، نجد أن شهوة كل الأمم ستأتي، باستخدام الكلمة العبرية:

 חֶמְדַּת (hem-dut - حمدات)، التي تحمل المعنى نفسه، أي كونه محبوباً ممدوحاً محمودا، وجذر الحمد هنا حاضرٌ أيضًا. وكل هذا كافٍ مستقلًا، وبالاجتماع يشير إلى رسول اسمه أحمد، محمد، المحمود.

.

11. الكتاب للنبي الأمي (إشعياء 29)

.

النص الكتابي (إشعياء 29: 11-12):

"وَصَارَتْ لَكُمْ رُؤْيَا الْكُلِّ مِثْلَ كَلاَمِ السِّفْرِ الْمَخْتُومِ الَّذِي يَدْفَعُونَهُ لِعَارِفِ الْكِتَابَةِ قَائِلِينَ: اقْرَأْ هذَا. فَيَقُولُ: لاَ أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ. أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ هذَا. فَيَقُولُ: لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ."

قلت: فإذا أُعطي الكتاب لشخص لا يستطيع الكتابة، ون ثمَّ لا يعرف القراءة، وطُلب منه أن يقرأه، سيجيب: "لا أعرف"، وذا يطابق قصة الوحي الأول، حين طلب جبريل من النبي ﷺ أن يقرأ، فأجاب: ما أنا بقارئ. وقد كان النبي أمياً لا يقرأ ولا يكتب بشهادة قرآن يُتلى على مسامع الكفار ليكذبوه بيسر وينقضوا الدعوة إن استطاعوا، ثم جاء بكتاب يتحدى به الفصحاء والبلغاء، بنصٍ معجزٍ ولو كان من غير أمي، فكيف وهو كذلك.

.

12. راكب الحمار وراكب الجمل (إشعياء 21)

.

النص الكتابي (إشعياء 21: 6-9):

"لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: اذْهَبْ أَقِمْ حَارِسًا، لِيُخْبِرْ بِمَا يَرَى... فَرَأَى رُكَّابًا أَزْوَاجَ فُرْسَانٍ، رُكَّابَ حَمِيرٍ، رُكَّابَ جِمَال... فَأَجَابَ وَقَالَ: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ، وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِ آلِهَتِهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَهَا إِلَى الأَرْضِ»."

قلت: تلقى إشعياء الرؤيا بأن بابل ستُدمر عندما تجد إسرائيل أربع علامات: فارسان، راكب حمار واحد، وراكب جمل واحد، وهذا في كل المخطوطات سوى الماسوري الذي يجعلهم ركابًا كثرا.

أما راكب الحمار (وله ارتباط بـ زكريا 9: 9) فيُعرّف بأنه المسيح (عيسى ﷺ). وفي متى: "قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ" (متى 21: 5).

وأما راكب الجمل فليس إلا محمد ﷺ، الذي ركب ناقته القصواء للمعارك، لا سيما لفتح مكة، واستولى على الساسانيين، وأزال عبادة الأصنام.

وهاهنا دقيقة سبق الإشارة إليها، وهي احتمال أن يكون الكتبة قد أفسدوا هذا النص. فكل المخطوطات خلا النص الماسوري (الذي جاء بعد مئات السنين) يجعل راكب الحمار واحدًا وراكب الجمل واحداً، فتغير فيه النص لئلا يناسب المسيح ﷺ ومحمد ﷺ.

.

.

.

.

القسم الرابع: نبوءات انتشار الدين

.

13. جميع الأمم تسجد (مزمور 22 وإشعياء 45)

.

النص الكتابي (مزمور 22: 27-29):

"تَذْكُرُ وَتَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ كُلُّ أَقَاصِي الأَرْضِ. وَتَسْجُدُ قُدَّامَكَ كُلُّ قَبَائِلِ الأُمَمِ. لأَنَّ لِلرَّبِّ الْمُلْكَ، وَهُوَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الأُمَمِ. أَكَلَ وَسَجَدَ كُلُّ سَمِينِي الأَرْضِ."

النص الكتابي (إشعياء 45: 23):

"بِذَاتِي حَلَفْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ، كَلِمَةٌ لَنْ تَرْجعَ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ."

قلت: تصف المزامير كيف أن جميع الأمم، بما في ذلك الأمم غير اليهودية، ستسجد لله وحده. وقد بلغت رسالة النبي ﷺ الأمم غير اليهودية تحقيقًا للنبوءة.

.

14. الصلاة الإبراهيمية والذكر العالمي أبد الدهر (مزمور 45 ومزمور 72)

.

النص الكتابي (مزمور 45: 2-7):

"أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ. تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ، جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ... كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ."

النص الكتابي (مزمور 72: 8-17):

"وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ... وَيُصَلَّى لأَجْلِهِ دَائِمًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارَكُ... يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ."

قلت: الموصوف يُقال إنه أجمل الرجال، مع شفاه ممسوحة بالنعمة. وهو في مزمور 72 قاضٍ عادل سينقذ المحتاجين ويحكم من البحر إلى البحر، حتى أن الأمم وقبائل الصحراء ستنحني أمامه، والناس سيصلون من أجله ويمدحونه كل يوم، كل يوم. وتلمح هذه النصوص إلى التكوين 12، حيث قيل إن اسم إبراهيم سيكون مباركاً (أو مقولًا في البركات).

ونعلم الصلوات الخمس اليومية للمسلمين، وأن فيها تُرسل البركات على محمد وآل محمد، وإبراهيم وآل إبراهيم. دع وصفه بأنه "يُصلى لأجله دائماً"، واليوم لا تخلو الأرض من صلاة عليه في كل تشهد، يُذكر فيهما اسم النبي وإبراهيم، ويُصلى عليهما ويبرّك.

أما وصفه بأنه "يكون اسمه إلى الدهر": فلا يخفى أن اسم النبي هو الاسم الأكثر شيوعاً في العالم، ويُذكر مليارات المرات يومياً في الصلوات والأذان.

.

.

.

.

القسم الخامس: نبوءات القدس والهيكل

.

15. الحج إلى جبل صهيون/القدس (إشعياء 2 وصفنيا 3)

.
النص الكتابي (إشعياء 2: 2-3):

"وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ... وَتَسِيرُ إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ، وَتَذْهَبُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ. لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ."

النص الكتابي (صفنيا 3: 10):

"مِنْ عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشَ مُتَضَرِّعِيَّ بَنَاتِ مُبَدَّدِيَّ يُقَدِّمُونَ تَقْدِمَتِي."

قلت: إشعياء 2 يصف كيف إتيان جميع الأمم إلى جبل صهيون للحج ولتعلم شريعة جديدة. وفي نص صفنيا 3 توسيع هذا، بالإشارة إلى أن شعب الله سيأتون إلى القدس من ما وراء مصر لتقديم القرابين. ولم يصبح هذا ممكناً إلا عندما حرر المسلمون الأوائل القدس واليهود من الاضطهاد الروماني، فقد فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس وسمح لليهود بالعودة إلى المدينة المقدسة بعد أن منعهم الرومان قرونا. كما جعل النبي المسجد الأقصى أحد المساجد الثلاثة التي تُشد إليها الرحال، فأصبح مقصداً للمسلمين من جميع أنحاء العالم إلى جانب مكة والمدينة.

.

16. المنفى الثاني وعودة الهيكل (مزمور 74، حجي 2، إشعياء 24)

.
النص الكتابي (مزمور 74: 9):

"آيَاتِنَا لاَ نَرَى. لاَ نَبِيَّ بَعْدُ، وَلاَ بَيْنَنَا مَنْ يَعْرِفُ حَتَّى مَتَى."

النص الكتابي (حجي 2: 6-9):

"لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هِيَ مَرَّةٌ بَعْدَ قَلِيل، فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَابِسَةَ. وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ. فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا... مَجْدُ هذَا الْبَيْتِ الأَخِيرُ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنَ الأَوَّلِ."

النص الكتابي (إشعياء 24: 14-16):

"هُمْ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ. لأَجْلِ عَظَمَةِ الرَّبِّ يَصْوِتُونَ مِنَ الْبَحْرِ... مِنْ أَطْرَافِ الأَرْضِ سَمِعْنَا تَرْنِيمًا: «مَجْدًا لِلْبَارِّ»."

قلت: مزمور 74 يصف المنفى حيث يُدمر الهيكل ولا توجد علامات، ولا أنبياء باقون. ويشير هذا إلى المنفى الثاني (المنفى الروماني الذي بدأ عام 70م)، لا المنفى البابلي. وقد رُفِعَ هذا النفي الثاني عندما فتح المسلمون الأوائل القدس وحرروا اليهود من الاضطهاد الروماني.

أما حجي 2 فيشير إلى أن الهيكل سيعود إلى مجده عندما يزلزل الله الأمم.

وأما إشعياء 24 فيشير إلى أنه خلال هذا المنفى الروماني، سيسبح الناس من الغرب والشرق الله، قائلين "مجداً للبار".

.

17. الرسول يأتي فجأة إلى الهيكل (ملاخي 3)

.
النص الكتابي (ملاخي 3: 1):

"هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ."

النص الكتابي (إشعياء 40: 3):

"صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: «أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلهِنَا»."

قلت: هذا النص، المكتوب بعد المنفى البابلي، يصف كيف أن رسولاً سيهيئ طريق الرب ويأتي فجأة إلى هيكله. كما يقتبس إشعياء 40، ويذكر رسول العهد من إشعياء 42.

وبما أن هذا المكتوب بعد المنفى الأول، فيجب أن يقصد عودة اليهود من المنفى الروماني، وأن النبي ﷺ هو الذي سيحرر اليهود من الاضطهاد الروماني، وأنه هو رسول العهد من إشعياء 42.

وقوله "يأتي بغتة إلى هيكله": قد كان في رحلة الإسراء والمعراج، حيث أُخذ النبي إلى أرض الهيكل في القدس. وهناك أمَّ أنبياء الله في الصلاة.

.

.

.

.

القسم السادس: نبوءات أسلوب الصلاة واللغة

.

18. الشفاه المطهرة والصلاة الموحدة (صفنيا 3)

.

النص الكتابي (صفنيا 3: 9):

"لأَنِّي حِينَئِذٍ أُحَوِّلُ الشُّعُوبَ إِلَى شَفَةٍ نَقِيَّةٍ، لِيَدْعُوا كُلُّهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، لِيَعْبُدُوهُ بِكَتِفٍ وَاحِدَةٍ."

قلت: يذكر هذا الإصحاح أن الله سيطهر شفاه الناس، وأنهم سيصلون كتفاً إلى كتف، ولا أصدق لهذا من صلاة الجماعة الإسلامية، حيث يصلي الناس كتفاً إلى كتف ويتلون القرآن بألسنتهم.

أما قوله “شفة نقية”: فإشارة إلى اللغة العربية التي أصبحت لغة العبادة الموحدة بانتشار الإسلام. فجميع مسلمي العالم يصلون بالعربية ويقرؤون القرآن بالعربية، أيًا تكن لغتهم الأم، ويصنعون هذا “ليعبدوه بكتف واحدة”، وهو وصف دقيق لصفوف المسلمين في الصلاة كما قلنا.

.

19. اللسان الأجنبي الساخر (إشعياء 28)

.
النص الكتابي (إشعياء 28: 10-11):

"لأَنَّهُ أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. هُنَا قَلِيلٌ هُنَاكَ قَلِيلٌ. إِنَّهُ بِشَفَةٍ لَكْنَاءَ وَبِلِسَانٍ آخَرَ يُكَلِّمُ هذَا الشَّعْبَ."

قلت: في النص العبري، يرد الله على الساخرين من إشعياء بقوله إنه سيكلم الناس بلسان أجنبي ساخر، قائلاً: "صو لصو، صو لصو... قو لقو، قو لقو"

(في العبرية: tsav latsav, tsav latsav... kav lakav, kav lakav).

ولم يتلق اليهود الناطقون بالعبرية وحياً بلغة أجنبية إلا مع نزول القرآن العربي. دع الإشارة إلى فواتح بعض السور، والتي تبدأ بـ حروف مقطعة (ألف لام ميم راء، صاد، كاف، طه، يس)، تحديًا -قد يوصف بأنه سخرية- من المخالفين بأن القرآن من هذه الحروف اليسيرة المقدورة، ويعجزون عن مثله، وهي نفس الأصوات المذكورة أعلاه: صاد وكاف بالعبرية.

.

.

.

.

القسم السابع: نبوءات العبد والعدالة والتغيير

.

20. العبد من الشمال/الشمس المشرقة (إشعياء 41)

.
النص الكتابي (إشعياء 41: 2، 25):

"مَنْ أَنْهَضَ مِنَ الْمَشْرِقِ الَّذِي يُلاَقِيهِ النَّصْرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ؟... أَنْهَضْتُ وَاحِدًا مِنَ الشِّمَالِ فَأَتَى. مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي (יִקְרָא בִשְׁמִי). يَأْتِي عَلَى الْوُلاَةِ كَمَا عَلَى الْمِلاَطِ، وَكَخَزَّافٍ يَدُوسُ الطِّينَ."

قلت: سيُنهض الله العبد من الشمال (غالباً ما يُربط هذا بالأمم غير اليهودية). من مشرق الشمس، مردداً صدى ما في التثنية 33، إذ سيدعو باسم الله. وفي العبرية:

 יִקְרָא בִשְׁמִי (Yikra bishmi - يقرا بشمي)

مطابقةً لأول وحي النبي ﷺ في الغار، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وللبسملة التي تُفتتح بها قراءة سور القرآن خلا التوبة. فأول كلمة نزلت في القرآن كانت “اقْرَأْ”، وأول آية كاملة في المصحف هي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ}. وسيدوس عبد الله هذا حكام الأرض كخزاف يدوس الطين، مشيراً إلى التغيير الكبير الذي سيجلبه. ولا أصدق لهذا من انتصار المسلمين على الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية.

.

21. العبد الذي يجلب العدالة والحرية من القيود (إشعياء 42)

.

النص الكتابي (إشعياء 42: 1-7، 10-13):

"هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ... أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ... لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ... لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ."

قلت: سيجلب عبد الله هذا العدالةَ للأمم. حال كونه لا يصيح ولا يرفع صوته في السوق، فهو على {خلقٍ عظيم}. وسيصبح نوراً للأمم غير اليهودية... يفتح عيون العمي، ويحرر الأسرى من ظالميهم.
وقد وصف النبي بهذا في عصره، دع أن القرآن يشير إلى أن هذا النبي الأمي سيضع عن اليهود الأغلال التي كانت عليهم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ... وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}.

ثم يذكر الإصحاح أيضاً أن شعب قيدار (ابن إسماعيل - التكوين 25: 13) وأولئك الذين في جبل سالع (وكلاهما مرتبط بالجزيرة العربية) سيفرحون. أما قيدار: فقبيلة قريش تنحدر من نسل قيدار، والنبي ﷺ من قريش. وأما سالع: فجبل في المدينة المنورة، حيث هاجر النبي وأقام دولة الإسلام.
وقد أشار بعضهم إلى أن اسم عبدالله، אִתְמָךְ (Itmak - مختاري) في إشعياء 42 قد يكون سابقًا الاسم الصحيح: أحمد، قبل التعديلات اللاحقة على النص.

.

.

.

.

القسم الثامن: نبوءات مملكة الإسلام

.

22. المملكة الخامسة والأخيرة (دانيال 2 و 7)

.
النص الكتابي (دانيال 2: 31-35، 44-45):

"أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ، وَإِذَا بِتِمْثَال عَظِيمٍ... رَأْسُ هذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ... كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ... فَانْسَحَقَتْ... وَالْحَجَرُ... صَارَ جَبَلاً كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا... وَفِي أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا."

قلت: هاهنا رؤيا تصف أربع ممالك عظيمة ومملكة خامسة أخيرة. يجعلها دانيال 2 تمثالًا لبابل، وفارس، واليونان، وروما، وهذه الممالك يمثلها الرأس والصدر والبطن والساقين من التمثال. أما المملكة الرابعة، روما، فيُقال أيضاً إن لها قدمان، بعضهما من حديد والبعض من خزف، إشارة إلى أنها ستنقسم. وقد انقسمت المملكة الرومانية إلى الإمبراطوريتين الشرقية والغربية، ثم تأتي المملكة الخامسة والأخيرة التي ستدمر التمثال، وتنهي الإمبراطوريات الأخرى.

ولا مصداق لهذا سوى الخلافة الإسلامية، إذ جاءت بعد انقسام روما وكانت سبب هزيمة الرومان. كما هزمت البابليين بفتح الإمبراطورية الساسانية الفارسية.

وقوله "حجر بغير يدين": يرمز إلى أن المملكة الخامسة لم تُؤسس بقوة بشرية بحتة، بل بتأييد إلهي.

أما قوله "صار جبلاً كبيراً وملأ الأرض": فيشير لامتداد هذه المملكة، ونعلم الخلافة التي امتدت من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.

وأما قوله "مملكة لن تنقرض أبداً": فمصداقه أن الإسلام ودوله باقية إلى يوم القيامة، وآخرها ما يكون بإمامة المهدي وعيسى ﷺ، وهذا ما يميز ملك الإسلام عن الإمبراطوريات السابقة.

.

23. المملكة تُؤخذ من اليهود وتُعطى للأمم (متى 21 و 22)

.

النص الكتابي (متى 21: 43):

"لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ."

النص الكتابي (متى 22: 7-8):

"فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ."

قلت: يقدم عيسى ﷺ نصين مختلفين يثيران نفس المعنى، وفيهما يُعد الله السماء لليهود، لكنهم يضربون ويقتلون الأنبياء، فينتقم الله منهم بتدمير هيكلهم وبمنفى ثانٍ، ثم يأخذ الله السماء من اليهود ويعطيها للأمم غير اليهودية.

ولاحظ هنا التسلسل الزمني: أولاً، سيُدمر الهيكل مرة أخرى. ثم ستُسلم الرسالة إلى الأمم غير اليهودية، وتذكّر أن عيسى وتلاميذه جاءوا جميعاً قبل دمار الهيكل الثاني، لذا يجب أن يشير الكلام إلى وقت متأخرٍ عنهم، وإلى نبي قادم، وقد حقق ﷺ هذه النبوءة.

.

.

.

هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين.