السبت، 20 سبتمبر 2014

حمزة تزورتزس ... وخطآن في تقرير حدوث العالم


حمزة تزورتزس، مناظر الملاحدة الشاب الذكي الفذ، ترى تأثير ابن تيمية والتراث التيمي في طرحه، بل يذكره ويقتبس منه صراحةً في مقام حجاج الملاحدة، وهنا أتناول خطئين متكررين في مناظراته بل وفي بعض تقريرات الأخوة المهتمين بالجانب الإلحادي وتقرير حدوث العالم وهما:

الخطأ الأول:
وغالبًا يذكره حمزة عند افتتاحه للمناظرة بتقرير حدوث العالم، ومنها ما ذكره في
Rick Lewis المناظرة بينه وبين ، فيقول من بعد الدقيقة الخامسة : " من غير المنطقي أن يكون العالم قديمًا لأنه يلزم من ذلك أن يكون عندنا زمن قديم لامتناهي من الحوادث، فيكون تاريخنا قديمًا! و لكن هل هذا ممكن؟ هل يمكن أن يوجد اللامتناهي حقيقةً في الخارج؟ أنا أقول : لا! ... المثال الأول: تخيل أن عندك عدد لامتناهي من الموز، إذا أخذت منه موزة، كم يبقى عندك من الموز؟ الجواب : عدد لانهائي! ... المثال الثاني:تخيل لو كنت جنديًا وتريد أن تطلق النار على حائط، لكنك في نفس الوقت تنتظر إذنًا ممن هو خلقك كي تفعل، وهكذا إلى ما لا نهاية (من يأذن يحتاج إلى من يأذن له) ...  فلا وجود حقيقي للانهائية في الخارج!" اهـ مختصرًا
الإشكال هنا في المثال الأول، أما المثال الثاني فصحيح في الدلالة على امتناع تسلسل العلل والفاعلين وامتناع أن يكون لكل مسبب سبب إلى ما لا نهاية دون مسبب أول لا سبب له، ولكنه لا يدل على ما يريده في منع وجود اللامتناهي، ولننظر في المثال الأول: فأخذ موزة يوجب أن يكون اللامتناهي قل مع كونه بقي على حاله لانهائيًا! وأنك أنقصته ولم تنقصه، وهذا محال.
التعليق : ما ذكره يفيد أن اللانهائي لا يوجد في الخارج مجتمعًا مرة واحدة أو دفعة واحدة  وهذا لا إشكال فيه و يدل عليه المثال المذكور، ولكنه لا يفيد ما استدل به عليه من امتناع تاريخ لامتناهي من الحوادث، ولكنه تصور التاريخ القديم من الحوادث أمرًا متعينًا موجودًا في الخارج مرة واحد!
و ليس هذا مما يقول به أحد، بل الأحداث يتلو بعضها بعضًا ويعدم الواحد منها وهو مسبوق بعدم نفسه، وليست موجودة بمجموعها في الآن مرة واحد لكي يطبق عليها المثال الذي ذكره،
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " ثم للناس في هذا جوابان أحدهما قول من يقول ما مضى من الحوادث فقد عدم وما لم يحدث لم يكن فالتطبيق في مثل هذا أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج كتضعيف الأعداد فإن تضعيف الواحد أقل من تضعيف العشرة وتضعيف العشرة أقل من تضعيف المائة وكل ذلك لا نهاية له لكن ليس هو أمرا موجودا في الخارج , ومن قال هذا فإنه يقول إنما يمتنع اجتماع ما لا يتناهى إذا كان مجتمعا في الوجود سواء كانت أجزاؤه متصلة كالأجسام أو كانت منفصلة كنفوس الآدميين ويقول كل ما اجتمع في الوجود فإنه يكون متناهيا ومنهم من يقول المتناهى هو المجتمع المتعلق بعضه ببعض بحيث يكون له ترتيب وضعي كالأجسام أو طبيعي كالعلل وأما ما لا يتعلق بعضه ببعض كالنفوس فلا يجب هذا فيها.
منهاج السنة (1|435)
فشيخ الإسلام يبين في هذه القطعة أن الممتنع = وجود لامتناهي حقيقي أنطلوجيًا في الخارج، لا تسلسل الحوادث اللامتناهي، فالأول وجودي خارجي، والثاني تسلسل في الذهن لا أن هناك سلسلة حقيقية وجودية لامتناهية، فما حدث وانتهى ليس موجودًا الآن كحلقة من حلقات تلك السلسلة الوجودية، وهذا كتضعيف الأعداد، فإنك لا تمنع تضاعفها إلى ما لا نهاية، ولكن ذلك كله في ذهنك لا أن هناك أعداد لامتناهية في الوجود الخارجي، و حمزة يثبت إمكان حوادث لا أول لها ولكنه أراد نقض القول بقدم العالم فاستدل بما ينقض أزلية فاعلية الله، وقد تنبه لهذا أحد الحضور وسأله عنه في الدقيقة ال40 وألزمه بتسلسل الحوادث في المستقبل وأبديتها بخلود أهل الجنة والنار، فأجاب حمزة: "قلت تحديدًا أن اللانهائية غير موجودة في العالم الحقيقي وفي هذا الكون الذي نشهده ... فالكلام في هذا العالم لا في أمران غيبيان كالجنة والنار"
و تفريقه تحكم ونتيجة لخلطه بين الكلام عن حكم العقل القطعي بامتناع وجود اللامتناهي، والكلام عن الحكم العادي أو الاستقرائي المبني على المشاهَد الخاص بالعالم المخلوق، فاللانهائية غير موجودة لا في العالم المشاهد ولا في الجنة والنار، لامتناع وجود اللامتناهي قطعًا، وإنما خلود أهل الجنة وأهل النار تسلسلٌ في الأحداث حدثٌ بعد آخر، لا أن هناك شيئًا أنطولوجيًا لامتناهيًا يسمى "أبدية الجنة وأبدية النار".

الخطأ الثاني:
 قوله بحدوث الزمان بإطلاق، وعدم تفريقه بين الزمان الوجودي وبين الزمان الذهني الاعتبار الذي ليس له وجود في الخارج،
فتنبه لذلك مخاصمه ريك لويس وألزمه مستدلًا بكلام ستيفين هوكينج قائلًا :"سؤالك: ماذا كان قبل الانفجار الكوني -الذي أوجد الزمان الوجودي كما سلم حمزة- غير منطقي كقولك: ما هو شمال القطب الشمالي!"
مشيرًا إلى تناقض القول بوجودية الزمان ووجود شيء قبله، كون القبلية نسبة زمانية أيضًا،
و الحق = التفريق بين الزمان المخلوق والزمان الاعتباري فالأول مخلوق وهو ما توصف به مقادير الحركة المخلوقة المعينة كحركة الأفلاك وحركة عقارب الساعة، والثاني وهمي اعتباري ليس شيئًا موجودًا في الخارج ليكون مخلوقًا وإنما هو اعتبار ذهني يقدره الذهن عند نسبة حادث إلى حادث، وهو أمر سهلٌ تقريره عند معتقدي أزلية فاعلية الله، وأنه يفعل فعلًا قبل فعل وفعلًا بعد فعل سبحانه، فله أفعال من الأزل تقع النسبة الزمانية الذهنية بينها، وليس الدهر أو الزمن بهذا المعنى موجودًا أو مخلوقًا، لكونه اعتباريًا محضًا، ومن قال بأن الزمن مخلوق، يريد الأول لا الثاني،
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " هذا المذهب مبني على إثبات دهر غير مقدار الحركة، وخلاء موجود، وهذا باطل عند جمهور العقلاء، ومن قال ببعض ذلك من المسلمين فإنه يجعله مخلوقا لله تعالى ولا يقول إنه قديم " الأصفهانية (292)
و القول بالزمان الاعتباري لا يفيد أن هناك شيء يسمى (زمان) قديم مع الله يؤثر فيه، بل هو مجرد وصف واعتبار لأفعاله سبحانه التي لا بداية لها ولا تنتهي،
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " والمقصود أن التقدم بالزمان لا يشترط أن يكون الزمان مؤثرا فيه."
بيان تلبيس الجهمية (5|218)

وهذه ملاحظة دونتها منذ زمن بخصوص هذين الخطأين اللذين رأيتهما يتكرران في مناظراته وكانا مما أشكل علي حينها، ولا يسعني إلا أن أدعو له وقد ذكرته فأقول : وفقه الله ونصره ونفعنا به، ومثلي دون أن ينتقد مثله من العاملين ممن تعلمنا منهم الكثير ولا نزال.

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا جزيلا. كان في ذهني سؤالين عن الزمن الفلسفي وعن أكوان أخرى أو خلق أخر قبل هذا الكون وأجاب المقال عنهم.

    ردحذف
  2. Borgata Hotel Casino & Spa | Full House, Suite, Casino
    A 양산 출장샵 luxurious stay at Borgata Hotel Casino & Spa 광양 출장안마 places 당진 출장마사지 you in the Atlantic City casino, within a 15-minute drive 김제 출장안마 of Borgata Atlantic 수원 출장안마 City Casino and

    ردحذف